” بعد ما جفت ينابيع العطاء … “
كتبت : صحر انور
رداً على ما جاء في الموضوع السابق ” الحب .. وأشباح الخوف ” وصلني الرد التالي من أحد الأصدقاء وهو:
(( ترددت كثيرا ف التعليق علي ماكتبتيه عن الحب واشباح الخوف لاحساسي انه يلمس منطقة ما لدي، وقد ذكرت اننا نخاف من الاحساس بالضعف اوفقد النفوذ اوالمال او الخوف من مشاعر الفراق وازيدك انه يمكن ان نضحي بالحب من اجل اطراف اخري عايشة معنا او بداخلنا منها مثلا خوفا علي من نحب او حبا في ان يبقي الحبييب علي محبوبته في صورة الملاك الذي رسمه دون ان يراه بشرا له احتياجات البشر وهي احاسيس تحتاج اديب مقتدر ان يدركها ويسطرها .. مااردت ان اعلق عليه ليس فقط ماذكرتيه خوفا من الحب ولكن من الممكن ان تكون هي اسباب لقطع العلاقة الحسيه فقط ويحيا المحب علي ذكرها تغطيه نشوة الحب كلما مرت بخاطرة .. ولك دايما تحياتي ))
في الحقيقة وجدت أن هذا الرد قد أضاف جانب مختلف من مشاعر الخوف الخفية من الحب وهي التضحية بالحبيب نفسه للحفاظ على أطراف أخرى أو الحفاظ على الصورة الملائكية له في الخيال.
والسؤال هنا ما هي الحالة أو الحالات التي تتولد فيها هذه المشاعر ؟ ومتي يقف الحبيب عاجزاً أمام سعادته وحب العمر الذي كان ينتظره ؟ وماالسبيل للخروج من هذه الحيرة التي يقع بين الواقع والحلم ؟
فوجدت أن كل هذا لا يأتي إلا عندما يأتي الحب بين الطرفين في الوقت الغير مناسب للطرفين أو لإحداهما ؟ قد يكون هذا الوقت في بدايات العمر قبل أن تنقش جراح الأيام آثارها، أو بعد فترة من العمر والإستسلام للواقع والتعايش مع الحياة بكل ما فيها .. ولكن هل هناك وقت مناسب للحب ؟ في الغالب يأتي الحب فجأة وبدون سابق إنذار، فهو لا يستأذن في الدخول للقلب ولكنه يقتحمه إقتحاماً، ويسكن بالحنايا بين الضلوع متربعاً على الشغاف ولا يسمح لأحد بالدخول إلى مملكته الأبدية، فهو أعمى البصر ولكنه يرى بعمق البصيرة، لذلك فعندما يأتي في هذه الحالة يكون قوياً .. عنيفاً .. رائعاً .. لأنه يبث الحياة في الحياة من جديد ويبدأ في ضخ دماء جديدة في الشرايين تجعلك تشعر بالحياة من جديد، هذه الحياة التي كانت في الأمنيات الدفينة وهذا الحبيب الذي كان مخبأ لك في أكمام الزمان.. وكأنك ولدت من جديد .. يا الله ..وتبدأ تتعامل مع ذاتك وكأنك مولود يتحسس مواضع الفرح والسعادة التي لا يدرك غيرها ولا يرىد سواها، فتنشأ حالة من النشوى الروحية ، والهدوء والسكينة، يملأ الأمان والإطمئنان جميع الأركان بداخلك .. فيصبح الواقع في الدرك الأسفل من النسيان عند اللقاء .. إلى أن يصطدم هذا الحب بالواقع والحقيقة فتنشأ حالة من الصراع والحيرة، بأيهما نضحي بالواقع والحياة المستقرة والأسرة والأولاد والكيان الحالي ؟ أم بهذ الحب الذي جاء في وقت غير مناسب ولكنه أصبح للروح روحاً ؟
لا يوجد حل مثالي أو إجابة محددة لأن هنا تتدخل عدة عوامل ليس لنا يد بها، فالقدر هنا دائما يخط بحروفه ما يكتبه الله لنا وما يرشدنا إليه ….. فدعونا نسمع شدو لقاء في عالم الخيال ………
سيدتي …
يا من أتيتِ إليّ في خريفَ أيامي
ترتدي من دفء الربيع أزهاره
إلى عَالمكِ يهفو .. يحنو عالمي
وفي بساتين عشقك أزرع أنجمه
يا سيدي …
لاَح بدرُك في أيامي الظمآي
وفي دُجىَ الليل بات نبع إشراقي
وجودك صارعزفٌ على أشعاري
فكيف حبيبي أُخُفي حُبك الحاني ؟
يا حبيبتي …
أسكني كنسائم النور بين جوانحي
وإبحري بزورق الهيام في روحي
ضٌمّي لقلبك قلبُ تائهُ مُستسلمٌ
وارفعي رايات حُبك فوق عواصمي
يا حبيبي …
أحُبك .. ولكن .. عذراً
فكيف لنا أن نكتب حكاية لن تكتمل
نسج القلب الحالم خيوطها الناعمة
أنا لست إلا ومضة بريق ستخبو يوماً
ولن يبقَ منها إلا عطر الضياء
-
قال .. إذا إنقضى العمر حبيبتي وهان َ.. ما هُنتِ
وإذا ضاعت أحلامي فلن يبقَ منها سواكِ أنتِ
-
قالت .. ياروعة أحلامي ..
ما الدنيا إلا أيام قصيرة جفت فيها ينابيع العطاء
دعني أنتظرك هناك
بكل الحنين واللهفة والأشواق
على باب الجنة هناك عند رب االعطاء