لقاء.. عند جزيرة القمر جمعت بينهما أيام الطفولة حيث براءة الإحساس ونقاء القلب فكانا دائماً معاً، يتقاسما كل شيء حتي اللهو والضحكات. فكانت تهوى الجلوس على الرمال لتقرأ في كتابها الصغير وكان يجلس بجانبها وهو يشعر بإحساس لايدركه يجعله ملاصقاً لها فيضع ألوانه وأوراقه ويرسمها في كل حركاتها وهمساتها وحتى سكناتها ويعود كل منهم بعد كذلك ويترك روحه في روح الآخر حتي يلتقيا في الصباح وكأنهما قد تعاهدا ضمنياً على ألا يفترقا، وتمر الأيام والسنين وتتغير ملامحهما إلا أن نفس مكان اللقاء وموعده لم يعتريهم أي تغيير . هناك في قلب البحر تقع جزيرة القمر ، حيث تسكن الأشجار المكان، وعبير الزهور تعانق نسماته رذاذ البحر، الأضاءة والألوان والناس التي تجوب حولهم في كل مكان ، ألحان الفرقة الموسيقية يعلو صوتها بأغنيتهما المفضلة فيدعوها إلى الرقص معه ، وعلى نفس المائدة حيث مكانها عند القراءة بعيداً عن صخب الحياة وحيث كان يضع حامل اللوحات والألوان ليرسمها في كل لوحاته وهي تقرأ وكأنها عروس تطل عليه من شرفات البحر.. أو غيمة من السحب تتشابك مع الأمواج ..كان يرسم ملامحها على وجه الشمس بالفرشاة الذهبية وبألوان الورود .. كان كل منهما يتنفس من قلب الآخر وكأنهما خُلقا من قلب واحد و روح واحدة ولكن طبقاً لقانون الحياة الثابت وهو التغيير .. فقد إفترقا وتباعدا على غير إتفاق ولكنها ظلّت على عهد وفاء القلب باقية .. فكانت تذهب إلى نفس المكان وفي نفس ميعاد اللقاء وهي ترتدي أجمل الثياب لتتألق وكأنها على موعد خفي معه .. وفي يدها كتابها وباقة من الذكريات .. يجذبها الحنين بقانون جاذبية الحب في وسط زحام الآمال اليائسة .. ومعها ما تبقى من عطر الحبيب في يدها … وفي كل مرة تنتظر ولم يأتِ فتعود بإنكسارها وخيبات التمني …