في ظل. الغفران.
بقلم . حنان المطوع .
في ظل. الغفران

الانتقام الرحيم هو أعلى درجات القوة النفسية والنضج الأخلاقي. هو أن تتعرض للأذى، لكنك لا ترد بالأذى. أن تظلم، لكنك لا تسعى للانتقام بطريقة مؤذية. بل تختار أن تعبر عن كرامتك ووجعك بأسلوب راقٍ، دون أن تنحدر إلى مستوى من أساء إليك.
هذا النوع من الانتقام لا يعتمد على الضرب أو الشتائم أو الانتقام المباشر، بل هو موقف، طريقة تفكير، واختيار واعٍ. هو أن تملك القدرة الكاملة على رد الإساءة، لكنك تسيطر على نفسك، وتختار أن ترد بشكل مختلف: بالتجاهل، بالصمت، بالنجاح، أو حتى بكلمة هادئة تضع النقاط على الحروف دون أن تجرح.
الانتقام الرحيم لا يعني أنك نسيت الإساءة أو سامحت بلا حساب. بل يعني أنك لم تنس، لكنك قررت أن لا تعيش في دوامة الحقد. قررت أن تحفظ كرامتك بدون أن تهين، وأن تري من آذاك أن رفعتك أكبر من الرد العنيف.
هو يشبه أن تنهض بعد السقوط، وتمشي شامخاً، دون أن تلتفت لترد الضربات. أن تكمل حياتك بأناقة، بثبات، بينما الآخر يظل عالقاً في خطئه، يراقبك وأنت تتجاوز الأمر دون أن تتجاوزه في داخلك، تجعله يحتار من امرك ومن شجاعتك.
هو انتقام، نعم، لكنه ليس مدمراً. لا يؤذي احداً بشكل مباشر، لكنه يجعل من أساء إليك يراجع نفسه، ويشعر بالندم، وربما الخجل. لأنك لم تعطه لذة الحرب، لذة المشاحنة، بل صفعته بهدوئك، وصدمته برقيك، وجعلته يواجه نفسه دون أن تساعده على الهروب بمشاجرة أو رد فعل غاضب، لم تغذي نفسه المريضه محبه للمشاحنات الى مبتغاه.
الانتقام الرحيم لا يعني الثقة مجدداً، ولا القرب ممن أساء، بل هو رسالة: “أنا رأيت كل شيء، وفهمت كل شيء، واخترت أن أرتقي، وان اكون احسن منك واجعل الخالق ينتقم”. وتقول له هذا انتقامي لك ان اكون احسن منك واجعلك تموت بغيضك.
