يمكننا أن نقف هنا
كى نخلع عنا تلك الجلود الميتة ونقنع أنفسنا بأن فنارات الحلم كانت بعيدة منذ البداية .. يمكننا أن نتعلل بأن الريح فكت أزرار الأشرعة المتعبة فسقطت عن جسد المراكب عند أول شهقة للموج وإبتلعها البحر دون أمل فى الرجوع .. يمكننا أن نقف هنا وأن نلوح بإبتسامة حقيقية عند الوداع وأن نصنع عناقا لا يسقط مع الأيام من شقوق الذاكرة وقبلة ليست مشتعلة ولا باهتة .. يمكننا الآن أن نضحك بشهية أكبر وأن نعيد شحن رصيد الكلمات بحناجرنا وأن نمد حبالنا الصوتية أكثر كى نستعيد نكهة لغتنا الأولى دون رتابة أو ملل .. هنا يمكن للمرايا أن تحتفظ بوجوهنا للغد دون أن يطمسها ضباب الإرتباك إذا ما التقينا مصادفة بطريق ..
هنا يمكننا أن نصنع فقدا ناضجا لا يأتيه الهوج من بين يديه ولا من خلفه فقد لا يحفل بضجيج الحنين فى الردهات القديمة ولا ينصاع لوجه يشكله بخار القهوة فى الغرفة الفارغة فقد لا يذعن لرائحة الرغبة فى لعثمات المطر ولا يمد يديه ليلتقط قطرة عطر تهطل من ثقب الذاكرة .. يمكننا أن نقف هنا ليغرس كل منا وردته فى دم الآخر كى تبقى بعد الرحيل معتقا بى وأبقى معتقة بك .. يمكننا أن نفتح الأقفاص لكل الأسرار نطلقها كأسراب حمام تهرب نحو ظل القمر وأن نجفف آخر قطرة نبيذ من فوق شفاه النشوة .. يمكننا أن نقف الآن بكل توازن أمام طريقين منفصلين ونقول دون تردد ..