كل الناس . وثقافة الإختلاف ….ما بين البناء و الفناء – http://www.kolalnaseg.com
أخبار عاجلة
الرئيسية / سيدتي / كل الناس . وثقافة الإختلاف ….ما بين البناء و الفناء

كل الناس . وثقافة الإختلاف ….ما بين البناء و الفناء

Spread the love
كتبت : صحر انور

الإختلاف هو قاعدة كونية بينما التماثل والتطابق هو إستثناء للقاعدة حيث أن التطابق يجعل الحياة فاقدة لروح التجديد، تخيل مثلاً أن جميع الناس مثلك تتطابق معك في الفكر والرأي، هل كنت ستجد أي شيء جديد تراه حولك ؟ هل كنت ستجد مبدعين ومبتكرين؟  فنحن نختلف عن بعضنا البعض في الشكل واللون والثقافة والفكر والرأي، فالإختلاف يمنح الحياة الكثير من المتعة والتشويق والتطلع إلى معرفة كل ما هو جديد، حيث يوماً بعد يوم تختلف رؤيتنا للأشياء وتختلف المفاهيم والمعايير لتقييم الأمور، ولذ فإن الاختلاف هنا بمثابة التطوير للأفضل غالباً وليس دائماً .

أما ثقافة الإختلاف في الرأي وإحترام الرأي الآخر أصبحت مقولة نرددها بيننا فقط، ولكن في حقيقة الأمر بمجرد أن نختلف مع بعض سواء في الرأي أو الفكر أو حتي التصرف تجد ان كل شخص قد تمسك برأيه سواء كان صح أو خطأ، ولا يقبل أي رأي آخر بل ويرفض الإستماع إليه، وقد يصل الامر أحيانا إلى الهجوم الشخصي والعداء علي أصحاب الرأي المخالف لمجرد أن لهم رأيا آخر، وممارسة السلوكيات السلبية باستخدام التكنولوجيا أو من خلال الإنترنت وشبكات التواصل الإجتماعي، وبدلا من أن يكون الإختلاف فى الرأى طريقاً للإستفادة والإستثمار لصالح المعرفة وإكتشاف الحقائق وإثراء الحياة وسبيلاً للرقي والتقدم يصبح مجالا للصراع والحرب والخلاف!

و كما قال (غاندي): ” الاختلاف في الرأي ينبغي ألا يؤدي إلى العداء وإلا لكنت أنا وزوجتي من ألد الأعداء.. “

وللأختلاف ثقافة و قاعدة أساسية وهي أن أي إختلاف يجب أن يكون للتطوير والبناء و ليس للهدم والفناء، إختلف مع من تشاء وكما تشاء ولكن عليك أن تتعلم أن يكون خلافك بحكمة، وكيف تملك زمامه ولا تجعله ينفلت منك ولا يتجاوز كونه أنه مجرد إختلاف في الرأي أو الفكر، لا تدعى الحق المطلق في إمتلاك الحقيقة لنفسك ولا تتهم من اختلف معك بالجهل والعناد، وكما قال الإمام الشافعي رحمة الله عليه ( رأيي صواب يحتمل الخطأ، و رأي غيري خطأ يحتمل الصواب ) و اعلم أنه لا وسيلة للوصول إلى حلول إلا من خلال الحوار والنقاش الهادف، فلنجعل من الخلاف وسيلة لتبادل الفكر وإثراء الذات، لأنك عندما تحاور شخص مختلف معك فأنت تمنحه فرصة أن يعرض رأيه فتستطيع قراءة موقفه وتحديد ملامح فكره، وأن تتفهم ظروفه وخلفية مواقفه.فلعل لديه أدلة مقنعة على ما يقول. أو لعله يجهل الرأي الحق لقصور في مداركه ومعلوماته، أو لعله يعيش ضمن بيئة وأجواء تحجب عنه الحقائق. أو لعلّ هناك شبهات تشوّش على ذهنه وأفكاره.

لذا عليك فقط أن تكون مؤمناَ بأفكارك، ومتحمساً لها، لأنها وسيلتك لإقناع الآخرين من خلال الإنفتاح عليهم، وخلق جو من الاحترام والودّ معهم. والتواصل بينك وبينهم يفتح لك المجالات لعرض أفكارك وآرائك عليهم، أما القطيعة والعداء وما يترتب عليها من إفراز سلوكيات سلبية منفرة، فإنها تسلب منك قدرتك على التوازن والثبات الإنفعالي، وقد تجعلك الطرف الخاسر بالرغم من صحة رأيك.. لذا وبهذه المنهجية الأخلاقية ستدفع من حولك لإعادة النظر في موقفهم تجاهك، وتشجعهم على الإنصات لك والإهتمام بمناقشة أفكارك، مما قد يغيّر قناعاتهم وآرائهم.

واعلم أن المرء مخبوء تحت لسانه فإذا تكلم ظهر، لذا كن محاوراً .. أعرض آرائك وأفكارك.. ولكن لا تنكر على احد حقه في أن يكون مختلف معك.

وأخيراً  إن ثقافة الإختلاف ينبغي علينا جميعاً أن نتعلمها جيداً وأن نجعلها واحدة من أهم القواعد التي نعلمها لأطفالنا، وأن نمارسها مع أبنائنا وزملاءنا وقادتنا بكل ود وإحترام، وأن نبتعد عن أسلوب الهجوم والتعدي والإستهزاء وعن السلوكيات السلبية، لبناء مجتمعٍ راقٍ يمارس حرية الرأي والفكر بكل حضارة.

 
242
Shares
242   
 
 
  

عن admin