هذا أنا…

بقلم : حنان المطوع .
هذا أنا…

يخنق الإنسان أكثر من مجرد لحظة، يخنقه تراكم السنين، وتلك القصص الحزينة التي عبر بها بصمت، دون أن يبوح بها لأحد. يخنقه الماضي الموجع، والمواقف القاسية التي مرت عليه فاقترب فيها من حافة الانهيار، لكنه صمد، تجاوزها رغم الألم، رغم الخوف، رغم وحدته.
يخنقه كل كلمة قاسية قيلت له في هيئة مزاح، وكل مرة خُذل فيها واحتفظ بوجعه في قلبه دون أن يشكو، يخنقه كل لحظة حاول فيها أن يبدو قويًا بينما هو ينهار من الداخل، وكل مرة قال فيها “أنا بخير” وهو في قمة الألم.
يختنق حين يكتم، حين لا يصرخ رغم أن الوجع يصرخ فيه، حين لا يبكي رغم أن الموقف يستدعي الانهيار… يتراكم كل شيء داخله، حتى يزحف السواد إلى قلبه، ويبتلعه شيئًا فشيئًا، يستنزفه لحظة بعد لحظة… إلى أن يظهر فجأة شعاع نور، يضيء سماءه، يلمع في عينيه، في قلبه، في روحه، كأن الحياة تمنحه همسة أمل بعد كل ما مرّ به من ألم.
وقد يكون هذا الشعاع مزيجًا من الألم والرجاء، إحساسًا مزدوجًا لا يمحُو آثار ما حدث، ولكنه يقول له: “ما زالت الحياة ممكنة”.
تساؤلات كثيرة تنهشني:
هل هو درس في الصبر؟
هل هي فرصة ثانية منحتني إياها الحياة؟
هل عليّ أن أكون ممتنة أم أن أحتاط لجرح جديد؟
أنا لا أريد أن أكون بديلًا لأحد، لا عوضًا عن مفقود، ولا ظلًا لغائب.
كلنا في هذه الدنيا نمر ونتقاطع مع أشخاص يشبهون الدروس، منهم من نحب، ومنهم من نتألم، ومنهم من نغادر بصمت… لكن، من منا يتعلم دون أن يتألم؟ دون أن يتنازل؟ دون أن يترك في داخله ذكرى قاسية وجرحًا لا يندمل؟
هذا أنا…
في زحام الدنيا، بين الحضور والغياب، بين الصمت والصمود، وبين الانهيار والاستسلام…
نعم، أعلم أن هناك كثيرات مثلي… لكن هذا أنا.