لما الرصيد يخلص.

بقلم : حنان المطوع .
لما الرصيد يخلص.

في دوشة الحياة، ومع زحمة التفاصيل اليومية، بننسى أحيانًا إن قلوب الناس مش صناديق مغلقة بتستحمل أي حاجة، وإن المشاعر ليها حدود… ورصيد.
في ناس بتدخل حياتنا وتبني مكانة كبيرة، وناس تانية بتدخل وتهدم كل حاجة حلوة بلحظة استهتار.
بس اللي أغلبنا مش بياخد باله منه… إن كل علاقة ليها رصيد، والرصيد ده بيتخصم منه يوم ورا يوم، من غير ما نحس.
في كل علاقة، سواء كانت حب، صداقة، أو حتى زمالة، في دايمًا حاجة خفية بتتكوّن بين الأطراف… اسمها “الرصيد”.
الرصيد ده مش فلوس، ومش وعود، ومش عدد المرات اللي قلت فيها “بحبك” أو “أنا آسف”.
الرصيد ده بيتبني من مواقف… من احترام… من احتواء… من تفاصيل صغيرة بتأكد للطرف التاني إنه مهم، وإنك شايفه، حاسس بيه، وبتقدّره.
لكن المشكلة إن الرصيد مش بيبني بسرعة، بياخد وقت، ومواقف، وصبر.
إنما لما يخلص… بيخلص فجأة، وبقسوة، وساعات من غير سابق إنذار.
لما تعتاد تكرر نفس الغلط رغم العتاب…
لما تسيب اللي قدامك مجروح وتبررها بـ”أنا بسيبه يتعلم”…
لما تتغير فجأة وتسيب وراك ألف علامة استفهام…
لما يبقى العتاب على نفس الحاجة متكرر، ومفيش أي محاولة للتغيير…
لما تتعامل بمزاجك، وتاخد الناس على حسب يومك…
لما كلامك يبقى حلو، لكن تصرفاتك بتكذّبه…
لما الكذب يكون واضح، والحقيقة قدامي، وأنت مُصرّ على الإنكار…
ساعتها… رصيدك بيقل.
العلاقات مش جدول محاسبي، ولا سوق فيه عروض واستبدال.
العلاقات إنسان بيحس، قلب بيصدق، وروح بتتعلّق.
وكل مرة بتستهين فيها بمشاعر اللي قدامك، بتسحب من رصيدك.
وكل مرة بتكسل تبرر أو توضح، بتخصم من رصيدك.
وكل مرة بتسكت في وقت كنت المفروض تتكلم فيه، بتخسر نقطة.
العلاقات ما بتمشيش على نظام “خد وهات” بس،
دي بتمشي على “احترام وتقدير وصدق”.
اللي يبني رصيد حقيقي، مش بالكلام، لكن بالفعل، هو اللي يفضل في القلب حتى لو غاب.
ابنِ رصيد يسمحلك تفضل موجود حتى في الزعل،
رصيد يخلي اللي قدامك يقول “أنا زعلان منه، بس مقدرش أسيبه”.
لأن لما الرصيد يخلص…
محدش هيحاول يعيد الشحن.
ومهما قلت واعتذرت…
هيكون الوقت فات، والمكان اللي كان ليك… حد تاني خده.
وفي النهاية .. خلي بالك
لو لسه في علاقة غالية عليك… بص في ميزان الرصيد قبل فوات الأوان.
اسأل نفسك: هل أنا ببني ولا بهد؟
هل أنا بزوّد الرصيد، ولا بسحب منه في صمت؟
المشاعر مش دايمة، والقلوب مش بتستحمل دايمًا…
اختار تكون سبب في بناء علاقة، مش انهيارها.
لأنك ببساطة… ممكن تصحى في يوم تلاقي نفسك برا الحسابات، بعد ما رصيدك وصل “صفر”.